الكاتبة : شمس عنتر
ساعة الرمل
ما افظع الخداع انه أنكر من القتل..
سعاد الصباح...
استفاقت سوسن مذعورة كعادتها على نفس الحلم وهي تلهث وكأنها في سباق للجري .
خمس سنوات مضت على غيابه وهذا الحلم عاودها عدة مرات .
تراه يستلم جائزة وأسلاك شائكة تطوق رقبته وله أنياب مدماه.
قضت العمر في طقسا مرهق اسمه الانتظار وهي معلقة.
سوسن التي تزوجت ابن عمها أدهم و هي في الخامسة عشر من عمرها عندما لاذت ببيت عمها في الحسكة هاربة من جهنم حلب.
كانت الناجية الوحيدة من عائلتها التي قضت كحطب للحرب الدائرة، لتصبح بين ليلة وضحاها وريثة لعقارات والدها.
انتظرته اربع سنوات حتى أنهى دراسته الجامعية في دمشق.
وفي الفترة التي قرر العودة نهائيا تلقت سوسن مكالمة غريبة ، الخاطفون يطلبون فدية كبيرة لقاء الإفراج عن أدهم.
تبيع سوسن كل ما تملك ولم تتمكن حتى من استلام جثته .
اضحت ميتة على قيد الحياة ، أرملة على قيد زوج غائب.
تحارب لتتمكن من التذكر وليس النسيان
ترفض أن تصدق موته وهذا الرفض يأتيها على شكل احلام وكوابيس .
تقارب الدخول في عقدها الثالث ومع كل نفَس تترقب حضوره ،وشكلها الزجاجي قد علاه الصدأ مع البخار المتصاعد من روحها على شكل دموع.
كانت المخيلة هو الجزء النشط فيها.
و قد ضيعت الطريق إلى ذاتها .
لولا رياض الأطفال الذي تغذي بوجودها هناك الجسد وجزء من الروح لكان اليباس الكامل مصيرها.
منقسمة إلى شطرين نصفها يقاوم والنصف الآخر يذوي في صمت موجع.
ذكرياتها مع أدهم شحيحة ربما ما كانت ستتعرف عليه لو رأته بعد هذه السنوات.
ترى هل أحببتك يا أدهم ؟ لا اعرف ولكنني أشعر بشيء ملغز . لست احتاج وجود رجل إلى جانبي ولا رغبة لي بالتعرف إلى آخر ،أريد أن أشعر بالسكينة فقط !
ولكنها تنتظره على جمر يزداد اتقادا مع صعوبة وضعها الاجتماعي .
قررت البقاء مع والدته التي كانت تملئ لها حقائب السفر كل يوم دون جدوى.
التأقلم مع طقس الانتظار قد تلبسها واتلف منها بعض الروح ، لكنها لم تذعن رغم تيار الأوجاع الجارف.
كانت قد تحولت لساعة الرمل كلما فرغت روحها تنقلب مرة أخرى ممتلئة .
إلى اليوم الذي فوجئت بامرأة شامية ومعها طفلين تقول إنها أرملة أدهم الذي قُتل بحادث سير منذ شهر فقط .
شمس عنتر
تعليقات
إرسال تعليق