أَزمَةُ العَقلِ العرَبِيِّ...../بقلم/ أحلام الدرغاني
أَزمَةُ العَقلِ العرَبِيِّ
الانهزاماتُ عَالَمٌ يُفكِّكُّ أَوصالَنا ، يُشَذِّبُ أَطرافَنا ، وَنُدرِكُ أَنَّ أَحجامَنا الجَدِيدَةَ لا تُناسِبُ سَراوِيلَنا الفَضْفاضَةَ ، فَنَقضِمُ ما طَالَ مِنْ أَظافِرِنا ؛ وَما فاضَ هُنا انْحَبَسَ هُنَاكَ ؛ وهلُمَّ جَرَّا إلى أَنْ " تَنكَسِرَ الجَرَّةُ" وتَنكَسِرَ بقجَةُ الآمالِ فلا يبقى في جُعبَتِنا إِلَّا نَزَرٌ يَسيرٌ مِنْ آمالٍ مُبَعثَرَةٍ نَرفَعُها فَوْقَ نُعوشٍ مُضرَّجةٍ ...طالَ دَربُ الجُلجُثَةِ وجلجَلَ الرَّعدُ عَنِيفًا يَستَصرِخُ الهِمَمَ فاختَلَطَتِ الأَصواتُ وانعَدَمَ المَنطِقُ !
وأَيُّ مَنطِقٍ وعقلُنا العَرَبِيُّ يترَنَّحُ في مَحَطَّةِ قِطارٍ دَوَّتْ قاعَتُهُ بِضِحكاتِ العابِرِينَ المُجَلجِلَةِ؟
العَقلُ العَرَبِيُّ وَحَرَكَةُ التَّغييرِ، قُصورٌ كَلَوِيُّ دَفَعَ أُولو الأَلبابِ أَثمانَهُ الباهِظَةَ ولَمَّا يَزَلِ الخَلَلُ الكَبيرُ مَشروعًا يُؤَخِّرُ النَّهضَةَ ...
كَمْ صوتًا انحَسَرَ وأَفكارُنا النَّجِيبةُ أَفشَلَتها إِداراتٌ لأَنظِمَةٍ لَمْ تَنسَجِمْ وَرُؤَانا !
حُكمُ القَبيلَةِ وصِراعُ الأُمَمِ أَنتَجا أَزمَةً عَلِقنا بينَ دِفَّتَي تُراثِها ومَوروثِها وما نرنو إِليهٍ مِن مُستَقبَلٍ زاهِرٍ .
المُنافَسَةُ حقيقيّةٌ، والصِّراعُ لا يَنِي يُغرِقُنا في بُؤَرٍ لا مَناصَ أَنْ يُلَوِّثَنا فسادُها مَهما سَمَونا أَو حاوَلنا أَن نعلوَ فوقَ موبِقاتِها .
نَجتَرِعُ السَُمومَ تَسرِي في مفاصِلِنا، نَتَفَكَّكُ . ورَغمَ دُروبِنا المُعَفَّرَةِ نَمضي ...
حَمَلْتُ بِيَدِي زَنبَقَةً ، قَطَفْتُها ذاتَ صَباحٍ مِنْ حَدِيقَةٍ واعِدَةٍ، عاهَدْتُ نَفْسِي أَنْ أَغرِسَها مُجَدَّدًا في تُربَةٍ قاحِلَةٍ لِتكونَ لقاحًا واعِدًا لِتُربَةٍ أَضنتْها الأَزَماتُ . وغَرُبَ عَنْ بالِي أَنَّنِي مُتَجَذِّرَةٌ في شَرقٍ تَغَلغَلَ إِلى أَعماقِي وامتَلَكَ مدارِكِي.
كُلُّ الشُّعوبِ نَهَضَت وكَدَّستِ المعرِفَةَ أَطنانًا وتحدَّت ذاتها؛ ونَحنُ مُنذُ القرنِ التَّاسِعَ عَشَرَ ونَستَنهِضُ هِمَمَنا فَتَغلِبُنا طرائِقُ تَفكِيرِنا، فنُدَوِّنُ ما اجتَرَّتْهُ عُقولُنا مِنْ أُصولِ فِقهٍ ، وعِلمِ كلامٍ وثقافَةِ بيانٍ ، مُتخاذِلِينَ إِزاءَ ثقافَةِ بُرهانٍ لِرفعِ بُنيانٍ ، ودَكِّ سُدودٍ أَوقَعَتنا مآزِقُها في إِشكالِيَّةٍ، بابُها مُشرَعٌ؛ ومنْ يَدرِي أَحتِمالاتُها فَتحٌ أَمْ حَتْفٌ أَمْ عَصرٌ قبلِيٌّ دُكَّتْ أَسوارُهُ، ولَمَّا نَزَلْ مُتعلِّقينَ بحبائِلِ أَفكارِهِ.
أَلثَّابِتُ مِنَ العقلِ العرَبيِّ هُوَ العَقلُ العِلمِيُّ ، لَكِنَّهُ غَيرُ دَقيقٍ ، وَحقْلُ المعرِفَةِ شاسِعٌ باهِرٌ.
مَتَى نُنْتِجُ مَعرِفَتَنا الحقَّةَ ، ونَسمَحُ لِعقلِنا مُجاوزَةَ الحلالِ والحرامِ، ورَبطَ الأَرسانِ بأَعناقِها؟
بيروت : ١٦/٥/٢.٢١
أحلام الدرغاني
تعليقات
إرسال تعليق