الكاتب : سعيد بو الشنب


 *ملكة الغناء و سيٌدة الفضاء و سلطانة الهوى*


الإهداء:

إلى حاكمة قرطاج...سيٌدتي لقد تعبنا من عبث السياسة....

سيٌدتي عودي إلينا فما زال في صوتك متٌسع للغناء و في جسدك الملكي نصيب من الإغواء و ما زال في قلوبنا فسحة للطرب و الشغب والحبٌ


إلى عشٌاق" أمينة فاخت "...هذه الليلة بعد صلاة العشاء اطووا سجاداتكم و اهجروا مسابحكم و اعتنقوا دين الغناء.


إلى" خالد المحضاوي"...أراك الآن قد قذفت جداول الأوقات ومزٌقت جذاذات الرياضيات ونزعت نظارتيك المتعبتين 

و أغمضت عينيك و أفردت يديك مثل جناحي طائر و صهلت الروح فيك: نزرعك تفٌا.....حة.....لا تبتئس يا حبيبي سنزرعها

تفٌاحا و عنبا و زيتونا و لوزا مالحا و رمٌانا و فستقا حلبيٌا.


تدخل عابثة باسمة ملتحفة عباءة بيضاء ورثتها عن جدٌتها علٌيسة ...تقف أمام الجمهور الذي تستمدٌ من صياحه طاقة غريبة في الغناء . توزٌع قبلاتها على الجمهور بعدالة السٌماء.

تقذفها في الفضاء فيجيبها الجمهور ضاجٌا بالحنين و" العواء."

...تسير على حافٌة الركح في مهل و دلال و غنج ملوٌحة بيديها

لعشٌاقها الأوفياء ثمٌ يقف أمامها المصدح في خيلاء يزهو على المصادح التي يقف أمامها الملوك العرب و الرؤساء يلوكون الترٌهات و الهراء...ثم تأمر التخت الموسيقي بالعزف و تشرع في الغناء ...و ما هي إلا دقائق حتى يستيقظ فيها نسغ الحياة فتلقي عباءتها البيضاء على مقعد فرح أو على أرضية الركح فتنكشف لنا مباهج الدنيا....ساقان عاريتان و ذراعان بضٌتان و نحر فضيّ و صدر ورديّ و عنق بهيّ...إنها جدلية الاحتجاب و الانكشاف :احتجب جسدها فتولهنا و انكشف فتأوٌهنا ..تغني ثم تغني ثم تغني ...ينزٌ العرق عذبا لذيذا من وجنتيها و يتسرٌب إلى مكامن سرٌية من جسدها الفتٌان. 


تتعب لكنها تغني و يضيق صدرها فتتنفس غناء ...ثم تتكئ على عازف الكمنجة لاهية عابثة .تطل عليه بفستق صدرها فيهبنا عازف الكمنجة وصلاته.تذبحه أمينة ذبحا فتذبحنا الكمنجة من الوريد إلى الوريد.


تعود إلى الغناء فتعود إلينا الحياة و تتلوٌى مثل أفعوان 

و تنزل إلى أرض الركح و يهتز صدرها و يفكر في الهرب مثل حمامتين تهمان بالطيران و لا تطيران. ثم ينكفئ صدرها المرمري و يتكوٌر و يتوحٌد و يتوثٌب و يتوجٌس و يقفز كرأس القط إلى معلقات الشعراء و نصوص الأدباء و مناهج البلغاء

 و خطب الرؤساء و وصفات الأطباء و مواعظ الفقهاء .

أما المايسترو صاحب البدلة البيضاء فقد انتفضت يداه كأن أصابه مسٌ من الشيطان فنسي كل الألحان و نسي كل دروس معهد الموسيقى...وحده صوتها هو الإيقاع...وحده صوتها هو النوتة.


تنزل إلى أدنى درجات القرار ثم تعبر مباشرة إلى أعلى درجات الجواب و تصٌاعد صارخة في شموخ جبال الجزائر 

وتهتف إلى عنان السماء :أمان....أمان....أما.........ن يعرج صوتها إلى ملكوت الله حيث روح أبي و تشي غيفارا و عبد الناصر و صدام حسين و سائر الأنبياء والأولياء و الشهداء

 و الشعراء.

يذوب الجميع :الجمهور و رئيس الجمهورية و بنت الوالي 

و قطة البيت و شجرة الحديقة و خالد المحضاوي و حافظة نقودي الفارغة و مخلص بن عامر و كاتب هذه السطور.


بعد ساعتين قضتهما جارية مثل فرس عشٌية حرب جامحة لاهثة مثل عاشقة ليلة حب...تخفض رأسها فتشتعل منها مفاتن لم نرها إلا عند انعكاس أضواء المسرح...تلتقط زوج حذائها و تلقي عباءتها البيضاء على كتفيها ...و تولٌي ظهرها للجمهور و هي تدندن أغنيتها الأخيرة وسط صياح عشٌاقها...


لا أدري....أهي فنانة أم ملاك أم عاشقة أم وطن أم ساحرة أم

مجرٌد امرأة عابثة لاهية مجنونة...لكن كاتب التاريخ سيكتب يوما عنها و يقول:"إنها حاكمة قرطاج".


رحماك يا "أمينة شاخت"...عفوا ..."يا أمينة فاخت"..عودي إلى الغناء فقد استبدٌ بنا الحنين و الهوى...عودي فمازال في حنجرتك متٌسع للبهاء و مازال في قلوبنا فسحة للإصغاء....

نزرعك تفا...حة...شقوا على قلبي..و الله..شوفوا جراحه...أمان 

..أمان...أما..........ن.


*سعيد بو الشنب*

مقهى الفرتونة

ج م ع

تعليقات

  1. لله درك يا رجل، لقد وصفت فتفوق الوصف على الواقع

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قَلبي كجسدٍ عارٍ.../بقلم/ الشاعرة روز ميرزو

على شاطئ نهر الفيزر..... /بقلم/ حسين السالم

ما قبلّ منتصف الليل../بقلم/ الشاعرة روز ميرزو