الشاعرة : نادية شكري
أيضا أريدك
سألتُ بهمس: من أنت؟
- بحار أنا ضاع سفينه منذ قرون، وظل يبكي ضياعه زاهداً، ينتظر تلك اللحظة، لحظة أن أراك أتحسس ملامحك عن قرب فقد حلمت بها طويلاً.. كل أيامى حلمت بك، أجلت فرحي إلى أن أقابلك فأفرح، فتعالي ..اقتربي لا تخشِ شيئا .
حين هممتُ أن أتحدث باغتني
- اتركي كل الأسئلة بربك ودعيني أتمعن في ملامحك الحبيبات، اتركي كل التساؤلات سيدتي وأعثري عبر سماع لغة القلب عن الإ جابات، لكن الآن دعيني أتلمس وجهك.
قال وقد تضاءل حجمي بحجم كفيه الحانية:
هناك في البلد القاحلة البعيدة، حيث وجدت، كنت أناديك، داخل صدري، أتحرق شوقاً لرؤياك حبيبتي، ومع نداءاتي طلبت منك أن تنتظرينى تماماً ها هنا، في هذا المرفأ النائي، في نفس المكان، وذات جلستك على صوان الطوار الصخري، طلبت منك عن بعد، أن تزرعيني في قلبك أزهاراً، ونخيلاً، وحياة، ووعدتُكِ في البعد أن أجيئ إليك، بكل كنوز البحارين وشبقهم المحبوس لرؤية الشاطئ، وونس الأهل، حلمتُ بسماءٍ بلا أرض، نسكن فيها.. سماء، وهواء، وطيور، وزهور، وكهفا وحيدا صغيرا يأوينا ، أحمل معي أشواق العاشقين، وقلوب المشتاقين، فقلبي منذ سنين غائص بصدري يؤلمني، يسكن موجوعا صامتا كقتيل، ينتظر أن أمسك يدك أحتضنكِ، فيرفرف من داخل قفصه، يعلن لأول مرة عن وجوده، ونذوب معا، وأحسُّ بأنني أصبحت محسوبا بين الأحياء.. معك سيدتي سنصبح فراشتين من نور ولذلك جئتك..
- ألم تتأخر كثيرا.. انتظرتك بدوري سيدي، تملأ حياتي بطقوس وصلوات وحبور، موتا وبعثا حبا وحياة، أعيش بك وفيك كل الأعمار.
- أنت كل النساء لايشبهك أحد، أنت الآن سيدة عمري، أخفُّ الكائنات، فتعالي نجرب لغة الجسد الربانية في صمت رباني
- أنت لا تعرفني جيداً
- أطمئنك حبيبتي.. معي ستجدين صلاة وطقوس، وسأجد فيك كل الأعمار، وكل النساء.. لا يشبهك أحد، تعالى نجرب كل لغة بيننا .. بين روحينا، بين جسدينا .. نعرف كل الأبواب المغلقة من ألف عام .. سوف آخذك لمناطق لم تزوريها من قبل ، أعرف أن ماءك غزير ، وعسلك مطر، وشهدك نبع .
- حبيبي؛ من أنت.. لتعدني بثمار ناضجة فواحة، وورود تخرج عبر مسامي..؟ .. من أنت.. لتصر بأن تتضوع حتى رمال الأرض برائحة الجنه؟ تُسْمعني كلماتٍ حلوة في العشق .. تكفي الفائت والحاضر من كل سنيني وتعوضني..؟
من أنت..؟ أخبرني.. لا تمل عيناك من أن تتأملني، تتحسس روحي عن بعد بتمعن، تتأمل قسمات جسدي، فأسمع صوت نداء القلب الصاخب يعلنها: أنا أيضا أريدك..
- أعرفك، أعرف مغاليق قفلك ولغته ورموزه، مفاتيح جسدك المغلق من ألف عام، ينتظر قدومي إليه، جنيّة بحرٍ أنتِ؛ سحرتنى منذ سنين، من قلب المحار القاسي كنت أطل في عينيك وأنتظر اللقاء.
- حبيبي.. دقات صادحة الآن، صادرة عن قلب يحلم.. يحلم أن نكون معا.. أتصور أني أبعث، أنثى لم يعرفها رجل من قبل، مخبوئة مدفونة مثل كنز البحار.. دقات صاخبة مسموعة تصدر عن قلبي الأن ..تبشرني بحياتين، بعمريْن، لا وجود فيهما للمنافي.
- أعرف أنك أنثاي، كانت مخبؤة لي، مكتوبة لي، أعرف أن ماءك غزير فياض، وعسلك مطر يروي قحطي وصبري، وشهدك نبع، أعدك بثمار ناضجة فواحة، وورود تخرج عبر مسامك تضوع برائحتك حتى رمال الأرض، رائحة الجنة.
- كلماتك هي عشقا بذاته يا من أنتظرته طويلا، تكفيني كلماتك زادًا، للباقي والفائت من عمري وتعوضني، لا تمل عينيك من أن تتأملني.. تتحسس روحي بتمعن، تتأمل قسمات جسدا ، مشتاق للفرح.. فاسمع معي نداء قلبي الصاخب، يعلنها في خشوع متصوف "أنا أيضا أريدك".
- سأنثر كل نجوم الليل تحوم حولك، بنورها تؤنسك، وتغمرنا بنورها، أغرقك بنور حبي ..
- فدعني إذن أمسح دمعاتك حين كنت غريقا ووحيدا ومنتظرا، سأمحو عن روحك طعم المنفى الذي أقامت فيه روحك سنينا سأرجع معك وبك ولأجلك سن اللهو، لن يردعنا شيئا. أحسست بقدومك فأتيت، وكنت أتزيَّن على غير عاداتي ، أتمعَّن في ملامح وجعي.. يفاجئني التبسم؛ تبسم الروح . وساءلت نفسي" هل سيأتيني يوما؟" لنتأهب لحلبة رقص صاخب مدووش، هل يتشبع أنفي المحروم بروائحك فأغافلني وأتوه؟.. وتسري رعدتك بداخل روحي وأروح.
- ستكون كل مغاراتي محفوفة بالضوء لأجلك.
- لا تجزع من ظلمة ماضٍ قد أسرك وتعالى، تبنِّ عنواني
- لا تعبأي فالحب نورـ والنور يذيب الظلمة، ويمحو صدأ الأيام
- قد نمكث يوما أو دهرا، حتى تتنزَّل قصتنا سورا وآيات، والروح فيها، وصور قلبينا تصير وحيًا، لكل من مل تصوف الأيام، وزهد اعتيادية الأشياء...
- الآن عرفت أن لدقة قلبينا نداء ومعان وغواية، وأوامر بالصلوات فتوضأ وتعالى، ففراشة قلبي تنتظر النور.
نادية شكري
تعليقات
إرسال تعليق