الكاتب: د.عبدالله خليف الحياني/العراق


 خيوط الحياة 


تمضى بنا الأيام يوما بعد يوم ، لا ندرك أنّها تجر السنين معها ، ولا نشعر أن عجلة الحياة تدور ، مع ذلك نجد أنفسنا منهمكين بمشاغل هذه الحياة بأفراحها وبأحزانها ، تمضي السنوات ، ونجد أنفسنا في إحدى الليالي نرقد في فراش المرض أو فراش الارهاق ، ليلة ظلماء ، وسكون مقيت ، وهدوء قاتل ، نسمع دواخلنا تتحدث إلينا ؛ لتعرض لنا شريط عمرنا وحياتنا الذي ذهب ، فنتذكر المواقف ، ونتذكر الأشخاص ، ونتذكر ما فعلناه في حياتنا فنجلس ؛ لنقيّم أفعالنا ومواقفنا ... نحزن من داخلنا أننا نرى أنفسنا بعد هذه السنوات الطوال بطريقة مختلفة عن الماضي ، نشعر بالخجل أحيانا وبالحزن أحيانا أخرى، كانت لنا مواقف كثيرة لكنّها لم تكن لشخصنا الواعي كانت لذاك الشاب الذي اقتحم الحياة، وتحولت في نظره إلى مسألة ربح أو خسارة، تحولت إلى سباق إلى نقطة الفوز أيّهم يصل أولا، وها أنا ذا أصل إلى نقطة الفوز؛ لأجد أنّها نقطة النهاية، نقطة اللا سباق بعدها، نقطة ستحدد مصيرك عمّا قدمته في هذا السباق، نقطة اوقفت التاريخ عندك، تحاول التشبث بالحياة والعودة من جديد إلى السباق مرة أخرى، لكنّ العمر لن يعود، وستبقى الاحداث الماضية لك كما هي لم ولن تتغير، رسم الآخرون طريقك ونجحوا في جذبك إلى طريقهم، وفشلت في رسم طريقك الخاص من غير أن تتأثر بهم أو أن تؤثر فيهم، كنت تابعا لهم فيما حددوه، فكان طريقك طريقا صغيرا ينتمي إلى طريقهم الذي اختطوه لأنفسهم، كنت تابعا وستبقى تابعا وسيحل مكانك تابع آخر يكمل رسم طريقك نفسه دون أن يشعر أنّه يسرق عمره وحياته في سباق زائف لأناس آخرين، ستصدمك الحقيقة لكنّها لن تتغير ، فأنت جزء من هذه المنظومة المقيتة، وركن من هذا النسيج الاجتماعي، وكنت شريكا في حياكة أحد خيوطه، لم تكن خيطا بارزا لكنك ستبقى خيطا في هذه المنظومة تنتظر المقص ليقطع نهايته فينتهي مصيرك.


د.عبدالله خليف الحياني/العراق

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ما قبلّ منتصف الليل../بقلم/ الشاعرة روز ميرزو

قَلبي كجسدٍ عارٍ.../بقلم/ الشاعرة روز ميرزو

عرفت فيك هيئة الانسان../بقلم/ مارييل تونجال