أكره الممحاة بشدّة... /بقلم/ نسرين المسعودي
أكره الممحاة بشدّة
وتلك النّصوص الجّافة السليمة من الكسر
مثلما يكره العاشق البائس فنون الإستمناء في العتمة
وأدرك عند رؤيتي للفراغات الحزينة
معنى الكلمات الأولى
معنى أن ترتعش الحواس بدفء الأجساد
معنى أن تبكي عندما يحين صوت البكاء
أن تسقط عندما يستوجب العناء.. استقامةَ ضحكتك
تتراءى لي ملامح الرّجال بوضوح غريب
كلّما قضمت الممحاة وركلتها
وجوهم في أقسى ملذات التّعذيب والشّبق العنيف
ووقع أنفاسهم فوق صدري
كلهاث مومس في الطّريق
تجرُّ رغبتها إلى حبّيب بعيد
تساقط الصّور من أيديهم
تشقّق الصّوت في الرّجاء العقيم
حرقةٌ مؤلمة مبلّلة
كنصٍّ يدلقُ نشوته تحت وقع الممحاة
أن تمحو نصّكَ تحت تأثير القداسة اللّغوية السّخيفة
ذاك هو عمق النّدبة العريضة في صمتي
عند كلِّ صرخةٍ لا أجيد سياقها
أضع نقطة أو فاصلة
لأدخن سيجارة...
مثلما تلملم أنت بقايا الحريق في عينيك
كلانا يفرغ صدره بطريقته
يعذب أعضاءه وحواسه بأصابعه
كلانا بائس فقدَ عزيزاً من كبده
وحدها الممحاة تراقبه من بعيد
فيدير خصرها المتعجرف فوق الورق
وفي طيات ذاكرته
يقف فوق نهديّ الخيبة بجوع رهيب
يهزها هزّاً يشبع عطشه العظيم لشتيمة تريحه
أو رقة بيضاء شاسعة ملطّخة بكلِّ ما لديه
أكره الممحاة جدّاً
تلك القطعة البائسة الصغيرة
تنهش شفاهي..
وتدلقُ في حلقي مرارة الحبر
وملح البحار
اهتزازي العنيف فوق الكرسيّ
وأنا أقبض رؤوس التباريح
أعلّقها في مشانق الفراغات
كلمات أنسفها تحت القصف الشّديد
ليتهاوى معنى وجودي
وأعود فارغة منّي و منك
ليالي الشّتاء الطّويلة وأنت تقلّبُ جسدي بنظراتك
صباحات مخيفة تستيقظ فيها مذعوراً من الألم
تركض إلى ساحة الجّريمة الاخيرة
حيث فؤادك ملقى جثةً هامدة
مذبحة دامية صنعتها بنفسك
ولا أثر للممحاة على قطرات دمك
وحده النّدم يراقبك بسخرية صارخة
ليموت الربّ فيك دفعة واحدة
ويشتاقني عضوك العليل من جديد
وأشتاق أنا
أن أسكبك في نصّي
وأن أقتلك بالممحاة
نسرين المسعودي
تعليقات
إرسال تعليق