مضى على غيابِكِ عَشْرُ غَصَّاتٍ.... / بقلم/ توفيق أحمد

 مضى على غيابِكِ عَشْرُ غَصَّاتٍ...

وسَبْعُ دقَائقَ....


بقلم: توفيق أحمد


عندما غادَرْتِ في ذلكَ المساءِ

زَحَفَتْ وراءَ حافِلَتِكِ مواسمُ مِنْ وجَعْ...

وعند عبورِكِ الحدودَ الغربيةَ

انْتَفَضَتْ أسرابُ السنونو مِنْ أعشاشها

ولوَّحنا لكِ أنا وريما بأيدٍ مُتْعَبةٍ

أَنْهَكَها غيابُ الذي يجبُ أن لا يَغيبَ...


عودي إلينا

فأزهارُ الرمّانِ أَجَّلَتْ ولادتَها

والريحُ أَعْلَنَتْ عن اختبائها

والنيرانُ انخفَضَتْ إلى ما تحتَ التراب

حتى بعضُ الخطايا

مَنَحَت لنفسِها هُدْنةً...

لكنَّنا قَرَّرْنا

عدمَ إزالةِ آثارِ أصابِعِكِ عن تلك الكؤوس.


عندما غادَرْتِ لم يَحْصَلْ أيُّ عناقٍ

إنّما ارْتَجَّتْ مداميكُ القلب شرقيَّ ذلكَ الأوتوستراد

ريما وأنا نختلقُ (السَّوالف) ونستحضرُ الفلسفةَ

كي لا يرمينا غيابُكِ في غياهب البْئرِ

وكي لا نعودَ إلى أزَماتنا الأُولى

وما ضاع من أيامٍ قبل الطَّوافِ بوجهكِ الجليل

هلِ اسْتَرَحتِ من عبورِ البَحْرِ

إلى ضفتهِ الفِرَنْجيَّةِ

هل عاتبَك (نيتشه) على غيابِكِ

وما المُشْتَرَكُ الذي يَجْمَعُ شَمال تلك البلاد

بعاصمتِنا الجالسةِ على عرش المُدُن

هَلْ عِنْدَكمْ فَراشاتٌ وقناديلُ وعميقُ آلام

هل يُظَلِّلُكُمُ الزُّهْدُ والاستسلامُ، أمِ التَّرَفُ

نحن نَسْنُدُ ظهورَنا إلى الفراغ،

مضى على غيابكِ عَشْرةُ أيامٍ وسبعُ دقائقَ

لا.. لن يَقْتُلَنا الجفاءُ أبداً

وبعضُ ذكرياتِنا تكفينا

لِنَلْقَاكِ المرةَ القادمةَ.

ما هي أسعارُ البطاطا لديكم

هل كيسٌ واحدٌ صغيرٌ يشتريني ريما وأنا

وقد كُنّا إلى وقتٍ قريبٍ نختالُ على الشمس


امْنَحونا سِلْكاً يَحْتَكُّ بجُثَثنا

افْتَحُوا لنا نافذةً تَفْهَمُ أفكارَنا

ليتسلَّلَ دمُها إلى يباسنا

ما زلنا نستطيعُ بعضَ الغناء

ولكنَّ أصواتَنا لا تصلُ إلى المنصَّةِ

أنا سعيدٌ بكلِّ هذا الحزنِ الجارف

لأنَّ أصابعي تَصيغُ القصائِدَ باستمرار


وفي ظلِّ الحُطَام نحافظُ على أعالي الكبرياء

لذلك؛

ارْشُقيني من هناكَ بالكلمات

وارمِ نوارسَ المحيطاتِ على وجوهِنا

نحن ننتمي لكلِّ مدارِس الجَمال

ونتكيَّفُ مع كُلِّ أشكال الرصاص


من المُمْتِعِ أَننا لا نحتاجُ إلى ترجمةٍ

لكلِّ ما نريدُهُ ونَشْعُرُ بِهِ

وما أراهُ من لغةِ الحبِّ القادمِ من هناكَ

موجودٌ في قواميسِ قلوبنا


صحيحٌ أننا لم نَعُدْ

"نَعِفُّ عند المَغْنَمِ"

ولكنَّ عنترةَ يُزنِّرُنا بأخلاقِ بطولاتِهِ..


هل تعلمينَ أيتها القابعةُ هناكَ

أنَّكِ لستِ مُجَرَّدَ رسَّامةٍ للكلمات

بل أنتِ جُنونٌ وعَقْلٌ وما بينَهما

أنتِ يقينٌ وشَكٌّ

وحقْلٌ خالٍ من الأشواك

وقِصصٌ متهاويةٌ في أحضانِ الزمن


وأقولُ لكِ:

لديَّ تُفّاحٌ لم يَقْتَطِفْهُ أيُّ مُرْتَكِبٍ

وعندي من الغمام ما يَمْلأُ جرارَ الغواني

مَرَّتْ بي عاصفاتُ السنين

وما زِلْتُ كلاماً يَفيضُ بالنبيذِ والصلوات

كُلُّ القصائِدِ القادمةِ

مُؤَرَّخةٌ بالحنين والظنون والانتظار

وكُلُّها غُصُونٌ لم تَلْمَحْها الرياحُ بَعْدُ

لستُ في آخِرِ الغَرَق ولا في أوَّلِهِ

الزَّوابعُ تُحيطُ بي

ولكنَّها لم تَسْتَطعْ بَعْثرةَ أوراقي

كَمْ مَدَدْتُ يدي للقاتلينَ

وأنا أعرفُ أنني لن أُصْبحَ مجنوناً

علينا أن نَرْدُمَ أجوبَتَنا على الأسئلةِ الحمقاء

ونصنَعَ ولَهَاً واحتراقاً

وأبجديةً جديدةً في إضاءةِ قناديلَ ذَبُلَتْ أنوارُها

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قَلبي كجسدٍ عارٍ.../بقلم/ الشاعرة روز ميرزو

على شاطئ نهر الفيزر..... /بقلم/ حسين السالم

ما قبلّ منتصف الليل../بقلم/ الشاعرة روز ميرزو